هذا الكتاب المخصص لحفظ ذاكرة سلا جاء تتويجاً لعمل مشترك بين جمعية سلا المستقبل والمجلس الوطني لحقوق الانسان وكل اطره الوطنية ولجنه الجهوية على مدى يتجاوز عقدا من الزمان. وهي مناسبة لاستحضار عطاءات وتضحيات الرؤساء السابقين للمجلس: الفقيدين المناضلين إدريس بنزكري وأحمد حرزني، وإدريس اليزمي الذين ساهموا جميعا وبحرص وتفانٍ في توثيق عرى رابطة هذه الشراكة النموذجية التي تزدهر وتثمر اليوم، بفضل الزخم الذي منحته إياها الرئيسة الفاضلة أمينة بوعياش، وأطر مجلسها الموقر بمناسبة الذكرى العشرين لإصدار توصيات هيئة الانصاف والمصالحة وأيضا الذكرى العشرون لتأسيس جمعية سلا المستقبل.
ولإننا مؤمنون حقا بأن ورش تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة استحقاق حقوقي مصيري يطوق أعناقنا جميعا بواجب المشاركة والمساهمة في التنزيل والتخصيب، وبأن إقدامنا اليوم على فتح ورش حفظ الذاكرة بكل أوجاعه وآلامه ودموعه، حصن ودرع ورافعة لمستقبلنا الديموقراطي وللجدارة بتكريم حقوق الإنسان، والاعتراف بتضحيات من رحلوا، نعتبر هذا الكتاب تمرينا أوليا لتوطيد الثقة المشتركة، في قدراتنا على استنبات شروط تخليد المشترك بين كل المدافعين عن الحرية والكرامة. لتمكين أجيال المستقبل من لتملك ذاكرة مدينتهم وتضحيات مناضليها ومساهمة أبنائها كل حسب موقعه.
وكما نغتنم هذه المناسبة السانحة لنؤكد انفتاحنا على كل المبادرات المحلية والإقليمية والجهوية التي من شأنها تعزيز تراكمات ورش حفظ الذاكرة، بما يضمن حق الجميع في الانصاف والاعتراف، ويحفظ حق الوطن في قدسية حفظ ذاكرته المثخنة بجراح ماضي الانتهاكات الجسيمة، كمشعل ينير حق الأجيال اللاحقة في وطن ديموقراطي مزدهر، ينتصر لكرامة شعبه، ولسمو كونية حقوق الإنسان.
هذا الكتاب، المخصص لحفظ ذاكرة الحراك السياسي والمدني بحاضرة سلا، زمن سنوات الرصاص، سفر في ذاكرة حية، كتب لها أن تحيا وتعاش، وألا تستسلم للنسيان والخدلان، حكايات وشهادات ومرويات عن تجارب سياسية متقاطعة وملامح شخصيات سلاوية، عمدت جبين زمنها بنضال مستميت ضد القهر والاستبداد، واسترخصت أغلى التضحيات، من أجل وطن ينتصر لكرامة شعبه، ويتسع لمواطنة مؤمنة بفضيلة التعدد والاختلاف والاعتراف، ومتشبعة بقيم الديموقراطية وكونية حقوق الإنسان.
بين دفتي هذا الكتاب، فضلا عن المقدمة التي تمنحنا تعريفا بالسياق التاريخي للمرحلة المعنية، تتساكن وتتواتر شهادات حميمية من العائلة والرفاق والأصدقاء، عن شخصيات من أطياف ديمقراطية مختلفة، وشمت تاريخ سلا والوطن اقتدار، ورحلت أو استشهدت، لتستحق خلودها في ذاكرة سلا الحية ومداد فخر تدوين صفحات هذا الكتاب…
ولأن للأحياء أفضالهم التي لا يجب أن تنسى أو تحجب، عن ذاكرة الحراك السياسي والمدني، يستضيف الكتاب نخبة أولى من الوجوه والتجارب، التي واكبت و أثرت دينامية ومخاضات الحراك السياسي والمدني، أو ما يمكن تسميته بالحاضنة الاجتماعية والثقافية والشعبية لهذا الحراك، وأملنا وطيد في أن تحتضن نسخة ثانية من الكتاب، نخبا ووجوها أخرى، تعذر لأسباب تواصلية وتقنية إشراكها وإدراجها في هذا الكتاب، فلهم منا واجب الاعتذار، والحرص والالتزام لاحقا باحتضان تجارب و عطاءات، كل من ساهم في ملامح وملاحم الحراك السياسي والمدني بحاضرة سلا سنوات الرصاص.
طريقنا، لا شك لازال طويلا وربما شائكا، لكن إرادتنا بمعية شريكنا الاستراتيجي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صلبة وثابتة وواضحة الرؤية في إجلاء وإعلاء الحقيقة، كرافعة لتمجيد صرح الذاكرة، دون عقد ولا التباسات، وكبوابة لتشييد جدارتنا بسمو ونبل هوية المشترك
جمعية سلا المستقبل