بقلم الاستاذ تميم بنغموش
تأسست جمعية المستقبل منذ بدايتها قبل أزيد من عقدين كإطار جامع لكل الفعاليات الراغبة في المساهمة في النهوض بالمجال السلوي في اختلاف أفكارهم واهتماماتهم ، ساعية إلى العمل بجانب كل الفعاليات الجمعوية الجادة لخدمة الصالح العام .
وهكذا فإن المؤسسين حرصوا على أن تكون منبرا يتطلع بإصرار إلى المستقبل دون التفريط في الموروث التاريخي الحضاري والنضالي للمدينة، و يجمع كل الفعاليات والشخصيات التي تؤمن بمشروع واعد للتنمية المحلية في معناها الشمولي يعبر عن قوة اقتراحية فاعلة إيجابية تتأسس على قيم التشارك والتآزر والفعالية.
تلك كانت هي المرتكزات التي شُيِّد على قاعدتها بنيان سلا المستقبل حيث جاء تأسيس الجمعية استجابة لإرادة مشتركة لدى فعاليات وشخصيات من أبناء المدينة , تمت بلورتها قبل التأسيس في مبادرات مختلفة، كان هاجسها الأول تشكيل قوة اقتراحية مبنية على تشخيص موضوعي للأزمة الشاملة المتواترة التي تعيشها سلا. وترسخ الاقتناع بضرورة إيجاد أداة لتصريف هذه الإرادة، والمساهمة قدر الإمكان في تقديم وجهة نظر متكاملة حول مستقبل مدينة ضاربة بجذورها في التاريخ.
في هذا السياق، بادر المؤسسون إلى صياغة أرضية تعاقدية للعمل المستقبلي، وهي وثيقة تحدد التوجهات والالتزامات، وترصد محاور العمل و الأوراش ذات الأولوية. وهكذا فقد كان التأسيس في الأصل ثمرة فكرة اختمرت لدى فعاليات محلية من مختلف الحساسيات السياسية، ونتاج التقاء إرادة جماعية مسلحة بالعزم والصدق والانفتاح، هاجسها المشترك هو المساهمة في إنقاذ سلا وتثمين رصيدها التاريخي الزاخر.
استطاعت سلا المستقبل خلال العشرين سنة الماضية أن تبرز على المستوى المحلي والوطني كجمعيّة جامعة على أكثر من صعيد:
- أداة عملية وقوة اقتراحية تشارك في تأهيل المدينة وأحوازها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعمرانيا.
- إطار تنظيمي لبلورة مشاريع تساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمدينة، عبر مقاربة تشاركية.
- فضاء للتفكير التعددي والمبادرة لتطوير الديمقراطية المحلية وتحسين تدبير الشأن المحلي،
- مجال يستوعب تجربة مواطنة منفتحة تزرع الأمل وتستشرف المستقبل، اعتمادا على قدراتها البشرية وإمكانياتها الذاتية
- مبادرة في اعتماد برامج ومبادرات تزكي المقتضيات الدستورية الداعية إلى ترسيخ دور الجمعيات في تدبير الشأن المحلي،
- فاعل رئيسي في تنفيذ برامج عن طريق اتفاقيات شراكة وتعاون، وطني ودولي، مع إشراك الفعاليات المدنية والسياسية المحلية.
- ركزت سلا المستقبل اهتمامها، منذ نشأتها، على قضايا الحكامة والتنمية وتتبع شؤون الديمقراطية المحلية والتنمية الحضرية. عبر اتخاذ مبادرات وتنظيم أنشطة من خلال الأقطاب المختصة، وإنجاز فعاليات ذات طابع سوسيو – ثقافي، بشراكة مع مختلف المتدخلين والفرقاء، من قطاعات حكومية ومنظمات دولية غير حكومية وجمعيات محلية وسلطات عمومية ومجالس منتخبة، مكنها من جلب اهتمام نوعي لدى الرأي العام المحلي. ومن أبرز هذه المكاسب والأنشطة: تنظيم ثمان دورات لمهرجان “سلوان” الربيع الثقافي، إنجاز الدليل الثقافي والسياحي لسلا، عملية تشوير المواقع التاريخية للمدينة، تنظيم شهري لحلقات “أربعاء المعرفة”، تكريم الذاكرة المحلية ، إصدار دراسات علمية متعددة ، وتوثيق متميز لذاكرة سلا التاريخ الراهن من خلال رؤى متقاطعة في جزأين (مسارات السياسية ومسارات ثقافية ) بدعم وشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، إطلاق وتتبع مشروع الزراعة البيئية “سواني الثقة”، مشروع الإذاعة الجمعوية، برنامج تكويني لفائدة الشباب “سلا حي رائد”، مبادرة إعداد وإطلاق المرصد الحضري لسلا الكبرى، مواكبة برامج التأهيل الحضري لمدينة سلا، عقد ندوات موضوعاتية حول التعمير والتنمية المجالية ..
وبذلك واصلت الجمعية تميُّزَها كمنبر للرأي والتفاعل والانفتاح، من خلال مداولات أجهزتها التسييرية ولجنها الوظيفية وأقطابها، وكذا في علاقتها بمحيطها عبر الشراكات وجلسات العمل والحوار مع قطاعات حكومية ومؤسسات جامعية وسلطات محلية ومجالس منتخبة وهيئات مهنية ونسيج جمعوي محلي ووطني وممثلي برامج تنموية دولية، بهدف محاولة تقديم أجوبة عن سؤال التنمية المحلية، لمدينة هي قلعة حضارية لها تراث عريق وعطاء غني.