الرئيسية / الجمعية / من جمعية سلا المستقبل، تحية لسلا… وتحية لأوفيائها

من جمعية سلا المستقبل، تحية لسلا… وتحية لأوفيائها

بقلم : محمد إيمان
بين الأزقة الهادئة لمدينة سلا، وفي قلب مقرّ جمعية “سلا المستقبل”، عشتُ واحدة من أجمل لحظات زيارتي الأخيرة للمغرب. كان ذلك اللقاء الخاص الذي جمعني بالأستاذ المحترم الحبيب بنمالك، لحظةً تختزل الكثير من المعاني: الوطنية الصادقة، والغيرة على التاريخ المحلي، والإيمان بالفعل الثقافي والجمعوي كرافعة للتنمية المجتمعية.
السي الحبيب، ذلك الرجل الهادئ، المثقف، الوفي لمدينته، نذر جهده ووقته لخدمة سلا وتاريخها. من خلال جمعية “سلا المستقبل”، يعمل بنمالك على إعادة الاعتبار لمدينةٍ عريقة تستحق أن تُروى حكايتها للأجيال، لا فقط بالكلمات، بل بالأفعال والمبادرات.
رافقني السي الحبيب في جولة خاصة داخل مقر الجمعية، حيث استقبلتني الأمكنة بروح التاريخ. وعلى الجدار الرئيسي، تصافحني صور “عظيمات سلا” في لفتة رمزية لتكريم نساءٍ كان لهنّ أثرٌ بالغ في المسار الثقافي والاجتماعي للمدينة.
من أبرز ما أثار إعجابي في هذه الزيارة، وجود إذاعة خاصة بالجمعية، تجربة رائدة في المجال الجمعوي والثقافي المحلي، تُعزز الإعلام القاعدي وتمنح الصوت للذاكرة المنسية. إلى جانب ذلك، وقفتُ على خزانة عامرة بالكتب، تضم بين رفوفها عددًا من إصدارات الجمعية، والتي أضحت اليوم مرجعًا حقيقيًا في توثيق التاريخ المحلي لسلا.
لكن الجهد لم يتوقف عند التوثيق الورقي، بل شمل أيضًا أرشيفًا بصريًا غنيًا من الأشرطة المصورة، ما يعكس وعي الجمعية بأهمية صون الذاكرة السمعية البصرية باعتبارها ركيزة أساسية في الحفاظ على تاريخ المدن وهوياتها.


ولم تغفل الجمعية البُعد التربوي والتكويني، إذ تنظم ورشات وأنشطة فنية وتوعوية تستهدف الشباب، في رهان واضح على تكوين أجيالٍ جديدة تحمل المشعل، وتستمر في خدمة المدينة. وقد لمست هذا التوجّه في حديث السي لحبيب عن إشراك الشباب في التسيير وتكوين الخلف، وهو أمر نادر وذو دلالة في زمن عزّ فيه التداول الديمقراطي داخل العمل الجمعوي.
معرفتي بالسي الحبيب بدأت أولًا عبر العالم الافتراضي، وتحديدًا من خلال صداقته الطويلة بأخي وأستاذي السي بلحسن. ومن هذا الرابط، نشأت بيننا تفاعلات مثمرة، كان من أجمل ثمارها دعوته لي للمساهمة في مشروع موسوعي كبير: إصدار جمعية “سلا المستقبل” لكتاب من جزئين تحت عنوان “ذاكرة سلا وتاريخ الراهن، جزء أول حول المسارات السياسية، وآخر حول المسارات الثقافية.


هذا العمل الجاد، الذي استغرق جهدًا مضنيًا من السي لحبيب وطاقمه، جاء في حلة فاخرة من حيث الشكل، وغني من حيث المضمون، ويستحق أن يُصنَّف ضمن المراجع الأساسية في توثيق الذاكرة السياسية والثقافية لسلا.
لقد خرجتُ من هذا اللقاء وأنا أشعر بفخر حقيقي. فحين نلتقي برجالٍ ونساءٍ آمنوا بالفعل الثقافي الجمعوي وجعلوا منه أداة للوفاء لمدنهم، نستعيد ثقتنا في جدوى الاشتغال من القرب، وفي قيمة الانتماء.
فـ”حيّنا لسلا” يجمعنا، ويكفينا أن ننتمي إلى هذه الأرض، كي نكون أهلًا للوفاء لها.

شاهد أيضاً

في حضرة الغياب: كلمة وفاء لروح محمد بهضوض

في لحظة وداع تفيض بالحزن والوفاء، وبعد أن وُري جثمان رفيقنا  محمد بهضوض الثرى عصر …

جمعية سلا المستقبل تنعي الفقيد محمد بهضوض

علمنا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة رفيقنا المناضل محمد بهضوض أحد مؤسسي جمعية سلا المستقبل …

توقيع كتاب “إضاءات تاريخية حول سلا” للأستاذ محمد السعديين

الاستاذ محمد السعديين نظّمت جمعية سلا المستقبل بشراكة مع مؤسسة سلا للثقافة والفنون، مساء الجمعة …

“شذرات من نظرات”… تأملات في السياسة من توقيع تميم بنغموش

سلا، 29 ماي 2025 – شهدت الخزانة العلمية الصبيحية بسلا، مساء يوم الخميس، تنظيم لقاء …

الأستاذ مصطفى مشرفي العميد الجديد لكلية العلوم القانونية بسلا

زوال يوم الثلاثاء 29 أبريل وبحضور وازن لشخصيات من مختلف المسؤوليات، من عمداء وممثلي الكليات …