جمعية سلا المستبقل
سلا، 29 ماي 2025 – شهدت الخزانة العلمية الصبيحية بسلا، مساء يوم الخميس، تنظيم لقاء ثقافي متميز خصص لتقديم وتوقيع كتاب “شذرات من نظرات – حين تلتبس السياسة“ للكاتب والفاعل السياسي و الجمعوي الأستاذ تميم بنغموش.
وقد نظم هذا اللقاء بشراكة بين جمعية سلا المستقبل ومؤسسة سلا للثقافة والفنون، وحضره ثلة من الفاعلين الثقافيين والسياسيين، وأعضاء الجمعيتين، إلى جانب أصدقاء الكاتب وجمهور مهتم بالشأن الفكري والسياسي الوطني.
افتُتح اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها الأستاذ السعيد سحيدة، الذي تولى تسيير فقرات الحفل، حيث رحّب بالكاتب والحضور، وأشاد بمساهمته المتواصلة في الدينامية الثقافية المحلية. كما عبّر عن شكره لإدارة الخزانة العلمية الصبيحية على احتضانها لهذا الموعد الثقافي.
وفي كلمتين افتتاحيتين، أعرب كل من السيد الحبيب بنمالك، الرئيس التنفيذي لجمعية سلا المستقبل،و السيد محمد لطفي المريني، رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون، عن اعتزازهما بهذا اللقاء الذي يجمع بين الفكر والممارسة السياسية، مؤكدَين أهمية مواصلة النقاش العمومي حول مضامين الكتاب وما يطرحه من تساؤلات عميقة.
من جهته، توجه الأستاذ تميم بنغموش بكلمات شكر وامتنان إلى المنظمين والمشاركين، معبّرًا عن سعادته بهذا الحضور النوعي، الذي أغنى اللقاء بمساهماته وأسئلته. واعتبر الكاتب أن الكتاب يمثل محاولة شخصية لفهم تعقيدات السياسة المغربية، خاصة خلال العقدين الأخيرين، حيث تتقاطع الرؤى وتتباين القراءات في ظل واقع متحوّل ومتشابك.
وقد عرف اللقاء تفاعلات ونقاشات فكرية مثمرة، انصبت حول أبرز محاور الكتاب وما يثيره من قضايا تتعلق بالخطاب السياسي، وأزمة الوساطة، وحدود الفعل الحزبي، إضافة إلى التحولات التي طرأت على المشهد السياسي المغربي في السنوات الأخيرة.
يُذكر أن كتاب “شذرات من نظرات – حين تلتبس السياسة“ هو إصدار جديد يُلامس بلغة تحليلية وتأملية قضايا السياسة من زوايا غير مألوفة، ويطرح إشكاليات العلاقة بين النظرية والممارسة في السياق الوطني.
:وإليكم نص الكلمة الترحيبية التي ألقها الأستاذ تميم خلال هذا اللقاء
كلمة تقديم الكتاب في اللقاء المنظم من قبل جمعية سلا المستقبل ومؤسسة سلا للثقافة والفنون بالخزانة الصبيحية
2025/05/29
الترحيب والشكر، الحضور ، المعتذرون ،
المنظمون.الشعور بالاعتزاز والفخر عربون ثقة وتقدير،
التفاعل مع التدوينات والمقالات التي انتقيت بعضها مضمونا للكتاب.
مجرد شذرات لم يكن في البال عند صياغتها نشرها في كتاب،
أهمية المواضيع وخيطها الرابط استدعى ركوب هذه المبادرة بكل ما يحفها من مغامرة.
أعترف بأني ضعيف النظر ولكنها تبقى إعاقة حسية لم تصرفني أبدا عن أن أسترق بعض شذرات ترصد عدة ظواهر من واقع معلوم في السياسة والمجتمع بغير قليل من الحس النقدي، لا أدعي شرف الإحاطة بتلابيبه، تبقى تعبيرا عن مواقف وآراء تلزمني وتقع تحت مسؤوليتي… المروءة الفكريةً تقتضي تقبل الرأي الآخر وكل انتقاد موضوعي أو موقف مخالف برحابة الصدر.
المروءة تقتضي التعبير عن الامتنان والعرفان للصديق الصحفي ذ. عبدالله الشرقاوي الذي كان له فضل التشجيع والتحفيز وتتبع هذا العمل حتى الإنجاز (عبد الله راكم خبرة صحفية متميزة مختصا في تسليط الضوء على قضايا حساسة معروضة أمام القضاء مثل الإرهاب والفساد المالي وله إسهامات موثقة أثرت النقاش العام حول كثير من قضايا العدالة في المغرب) .
المروءة تقتضي الاحتفاء بالصديقين الأستاذين عبد العزيز كوكاس ومحمد اشماعو اللذين تجشما كل أريحية تقديم هذا العمل أول مرة
بالمعرض الدولي للنشر والكتاب قبل شهر ما هو مبعث اعتزاز وفخ لي : ( كوكاس الغني عن التعريف ، الإعلامي المتميز والصحفي النبيه الروائي الأنيق ، الإنسان البشوش الذي يسكن جوارح قلبك أول ما تراه العين اشماعو الحقوقي اللامع والمحامي المشاكس المفوه نصير الحق والحرية والمعبر الجريء المتصدي للتسلط والفساد في مختلف مظاهره. مع كليهما تقاسمت أشواطا من المسار الجمعوي والسياسي والتقينا ولا نزال على درب الدفاع عن المبادئ وعن قيم الحق والحرية والعدالة يعبر كل منا عنها بما أتاه الله من جهد وزاد.
لكم الكلمة وأترك للقارئ وللتاريخ النظر في ما وراء هذه الشذرات التي أعتبرها مجرد تمهيد أو مدخل أولي لمشروع توثيقي للرأي والذاكرة أيضا لا يخلو من تحليل قانوني سياسي واجتماعي أعترف أن إنجازه قد تأخر بعض الوقت ولكني آمل أن يكون فيه خير وأن يكون في الخير نفع وقت ما جاء، لا أعذر نفسي ولكني أظل أمنيها بطموح الاستدراك ما استطعت إلى ذلك سبيلا .
إن جل كتاباتي تؤكد على التمسك بروح منطوق القواعد الدستورية فقد خلفت بدعة التأويل المتعسف ندبات واضحة في جبين المشهد في ظروف ما اصطلح عليه بالبلوكاج..
وفي هذا السياق يجدر الانتباه إلى أن البلوكاج ليس لقيطا ولا يتيما لا يقهر إنه ابن شرعي للسياسة كما ظلت تقترف منذ سنين..
كما في الحياة عموما ففي السياسة لا توجد قطيعة ، هناك تطورات وتحولات ولكن دائما في سياق مسلسل من التداعيات ، هناك مخلفات قابلة للتدوير وأخرى عصية عليه ، سيجيب التاريخ هل البلوكاج من هذه أم من تلك.
ذلك هو الخيط الناظم في الكتاب الذي لا تمثل مواده سوى رجع صدى لأحداث وسلوكيات ومواقف ذات آثار ممتدة في الزمن…
في أعقاب انتخابات أكتوبر 2016 ساد شعور وكأن هناك مؤامرة تحاك ضد الدستور وضد المسار العادي للتطور السياسي، وفي الواقع وحسب تقديري فإن الأمر كان صيغة أخرى لمحاولة إرباك المنهجية الديموقراطية ، ومن مكر الأحداث أن بعض من ساهموا في ذلك كانوا باعتراف منهم من أشد المنتقدين الرافضين لذلك الخروج ولو لحين … لكن هذه المرة جرى ما يشبه تصويب الطلقة لما تم تعيين رئيس حكومة من نفس حزب الرئيس (المبلوكي)..
هل حصل الديبلوكاج (الانفراج)؟ قد يقال إنه حصل ولكن ألم يكن بتلك الطريقة التي مهدت في وقت لاحق إلى لف يد المال حول عنق السلطة ، وكأن حكومة 2016 كسابقاتها لم تكن في الواقع سوى جسر وصول لما نحن عليه.
أليس علينا أن نقر بأن الالتباس شيطان مارد يلبس السياسة وتلبسه ، يغويها ويغريها ويوقع بها في أتون من التردي والإفساد والفضائح بمجرد ما تقضم التفاحة تسقط ورقة التوت..
قد تكون السياسة أصلا ممارسة مهددة بهذا السقوط المدوي كلما استطاع الالتباس (الشيطان) جر الحبل لصنع كل سلوك تفضحه لحظات الحسم بعد تسخينات الإغواء فتسقط ورقة التوت وتبدو عورة السياسة للملأ.
ختاما يمكن اعتبار الموضوعات التي انتقيتها مجرد مقدمات لرؤية أكثر شمولية وتفاصيل ظلت تشغل المهتمين بالمشهد السياسي ، وعسى شذرات هذا العبد ضعيف النظر تسهم ولو بنزر بسيط في جهود العاملين بكل إصرار
على إماطة الالتباس عن كثير من الحقائق التي لا تزال تسعى إلى التستر
وراء حجاب آيل لا محالة للسقوط إن عاجلا أو آجلا.
